لمن أوسمة البطولة؟

مِنَ القلب للقلب

سأَلتْهُ:
قُلْ لي بربِّكَ
هل رأيتَ أَجمَلَ منِّي ؟
أَجابها:
نعم ... رأيتُ ...
- إذن ما الذي شدَّكَ إليَّ ؟
* سحرُ روحَكِ ...
- وهل سحرُ روحي يَلْغي جمالي ؟
* الجمالُ موجودٌ في كلِّ زمانٍ
ومكان ...
والسحْرُ والجمالُ توأَمانِ

يجب أَلاَّ يفتَرقانِ ...
وأَنتِ عندَكِ مِنَ الإثنينِ
ما يكفيني
ويجعلُني ذلكَ المُتَيَّم
الذي يُقدِّمُ لكِ الحُبَّ بلا حدودْ .
- وهل تَغار ْ ؟
طبعاً ...
وأَحياناً لا أَلومُ المُحبَّ الأناني
الذي يخفي حبيبَهُ عَنِ العيونْ ...
- وهل تُفكِّرُ أَنْ تخفيني
أَنا أَكرَهُ الأنانيَّة ...

يكفيني أَنْ أَخفيكِ في قلبي،
وأَترُكَ في يدِكِ مفتاحَهُ،
فإنْ سَعِدتِ بسكناهْ،
فهذا هو الحب ...!
وإنْ مَللتِ،
فما فائدتي من تحويل قلبي
إلى سجنٍ للعصافيرْ ...

- أَنا قرَّرتُ أَن أَسكُنَ قلبَكَ
وأَرمي مفتاحَهُ في البحرِ ...

***

وأَنا قرَّرتُ
أَنْ أُقدِّمَ قلبي هديَّةً لساكنتهْ ...
- صِفني ...
* أَنتِ حبيبتي
- حتَّى وصفُكِ لي "بالقطَّارةِ" ؟
* هذه "القطَّارةِ" هي السَّدُّ المنيعْ
الذي يَقفُ في وجهِ طوفانِ عواطفي
ويحافظُ على مخزونها ...
- أَنا مصِرَّةٌ ...
- أُريدُكَ أَنْ تصِفْني بتبسُّطِ ...
* أَبدأُ بشفتكِ السُّفلى ...
- وماذا عن شفتي السُّفلى ؟
تُنـزلُ الفارسَ عن جوادِهْ ...
- هل إذا رآها ؟ أَم إذا لمَسها ؟
* إذا لمَسَها أَقتُلهُ .
***
وشَدَّها إلى قلبِهْ ... وشدَّتَهُ إلى قلبها ...
وغَلَبْهما النُّعاسْ ...!
وكلٌّ منهما يحلَمْ :
بأَنْ يُبْقى الزَّمنْ سعادتهُما ...؟
***
شعور دخيل
نشرت في جريدة "النهار" 1985


كُلَّما جَلسْتُ لأكتُبَ إليكَ رسالةً
أَشْعُرُ بأَننِّي أَكتبُها تحتَ التَّهديدْ ...
فتتبَخَّرُ الأفكارُ من رأسي، وتبقى الأشواقُ ...

بانتظارِ مبررٍ لهذا الشعورِ الدَّخيلْ ...

قد لا يفهمُ الإنسانُ مشاعرَهُ أَحياناً
ولا يعرفُ كيف يُفلسِفُها .
لا أَظنَّني بحاجةٍ لأن أَشرحَ لكْ ...

معزَّتكَ في قلبي ... تمنَحُني أَحاسيس جديدة ...
تتكلَّمُ بلغةٍ أُحبُّها ولكننِّي لا أَفهمُها ...

هذا الإنسان !!

صدقُهُ: مرآةٌ للحقيقةْ،
كذبُهُ: من طباع الثَّعالبْ،
رضاهُ: من مدِّ الأمواجْ،
غضبُهُ: من جَزْرِها ...
تُراهُ في البيانْ: أُنشودَةً نادرةً،
في العطاءْ: مدرسةً كاملةً،
في الجهلْ: أَداة بلبلة وتخريبٍ ...
ومع ذلكَ فَهْوَ إنسانٌ ..!

***
أنشودة الضياع

ما هذا الفراغ ُ الذي يلفُّني ؟
والغربَةُ التي تعصرُ فؤادي ؟
والأملُ الذي تاهَ في زحمةِ الحياةْ ...
وعروقُ المحبَّةِ التي تآ كَلَتْ ...
على أَعقابِ قَدَري
وفي محرابِ غُربَتي
وفي مرآة شيخوخَتي
أُتـمْتِمُ
أُنشودَةَ الضَّياعِ ...!
أَشعُرُ بأَننِّي عصفورٌ "مهاجرٌ"
تاهَ عن سِربِهِ
وقطرَةُ ماءٍ، إتنطَرتْ من زخَّةِ مطرٍ،
ووترٌ منفردٌ، في سيمفونيَّةٍ يتيمةْ ...
أَفتقِدُ أَملاً، أَحيا لأجلِهِ.
أَراني الدَّمعَةَ الحائرةْ ...
والكلمة الثّائرهْ ...
أَراني الجوهَرةَ التي تُباعْ،
والقصيدةَ التي لا تُذاعْ،
وأَراني أُنشودَةَ الضَّياعْ ...!

***
أَيها الحبيبُ ... الحبيبْ

أَنا لا أُحِبُّكَ لأحتويكَ،
أَنا أُحِبُّكَ لأننَّي أُنفِّذُ بحبِّكَ قدري
أَخضعُ لأوامرَ عينيكْ ...
من حقِّي أَن أَخفيكَ في سويداءِ قلبي،
وليسَ من حقِّي
أَن أَدخُلَ قلبَكَ بدون إستئذانْ ...
مِنْ حقِّي أَن أَحتَضِنَ الفائضَ مِنْ سحرِكَ ...
وليسَ من حقِّي أَن أَسأَلكَ المزيدْ ...
من حقِّي أَن أَحلمَ بنظراتِكَ،
ولكن، ليسَ من حقِّي
أَن أَحتَكِرَها ...!
قُلْ يا فؤادي
لِمَنْ هذه النَّبضاتِ ؟
لِمَنْ هذه الخفقاتِ ...؟
أَليستْ منكَ إليَّ،
ومنِّي إليكَ ...؟

***
قصَّة عصفور
"لا يفهم الشَّحارير إلاَّ الشَّحاريرْ"
كان عصفوراً طليقاً .
الدُّنيا مِلكَهُ:
الفضاءُ ... والهواءُ ...
الجمالُ والأملْ ...
قرَّرَ أَن يبني له عُشّـاً
ولكنَّ العُشَّ بقيَ خالياً
تبَخَّرتْ آمالُهُ
التي تصوَّرَها بزرقةِ السَّماءْ،
وسعةِ الفضاءْ،
ضَمُرَ العصفورُ
وتغيَّرَ شكْلُهُ،
بَـهُتَ ريشُهُ،
نسيَ التغريدَ،
وملَّ التحليقْ ...
وفجأةً سمعَ من وراء حدودِ منفاه ...
صوتَ شحرورةٍ جميلة
تسيرُ مع فراخِها بلا رفيقٍ ...
تبحثُ عن صديقٍ
يُغرِّدُ بأسلوبها ...
أَجابها:
رجَّعَ الصَّدى صوتُهُ الملهوفْ ...
أَجابتهُ بلهفَةٍ مماثلةْ ...
فامتزجَ الصَّوتانِ
وتألَّفتْ منهما
أُنشودَةُ أَملٍ،
وحبٍّ كبيرْ ...!
***

لمن أوسمة البطولة ؟

في موكب مهيب ... وقفت أوزع بعض أوسمة البطولةِ من نوعٍ خاص ... (لأنني أرفضُ أن تبقى أوسمة البطولةِ وقفٌ على حملةِ السلاحِ والقنابلِ المدمرةْ ...)

- مَنَحتُ وسامَ بطولةٍ للأمومَةِ المعطاءَه
التي تُعطي الأجيالَ دون أَن تطلُبَ ممّن
حملتهم في أَحشائِها وسهَرتْ عليهم الليالي
أَن يحملوا إسمَها على الأقلْ...

- مَنَحتُ وسامَ بطولةٍ لربَّاتِ البيوتِ اللواتي يَقُمنَ بعشراتِ الوظائفِ بلا مقابلْ ... ومع ذلك يتحمَّلْنَ الإقلالَ من قدرِهِنَّ ومن إعتبارهِنَّ عالةً على الأزواجْ...

- مَنَحتُ وسامَ بطولةٍ لكلِّ ذي عاهةٍ مُزمنةٍ يعتمِدُ على نفسهِ ولا يجدُ من حقِّهِ الإعتمادَ على الآخرينْ...
- مَنَحتُ وسامَ بطولةٍ للمدرِّسِ الذي يُدرّسُ التَّربيةَ والمعرفةَ، ويُقابَلُ بقِلَّةِ التربيةْ...
- مَنَحتُ وسام بطولةٍ لشابةٍ زوَّجها أَبوها لرجلٍ بعمره فقبِلَتْ حِكمَ هذا الأَبِ الظالمُ ولم تتبرَّأ منهْ...

- مَنَحتُ وسامَ بطولةٍ للإنسان الذي يقاومُ غرائِزَهُ حفاظاً على إنسانيتَهُ...

- مَنَحتُ وسامَ بطولةٍ للجنسِ اللَّطيفِ الذي أَصبحَ ضحيَّةَ الإجرامِ والإعتداءاتِ المُشينَةِ ولم يأخذُ موقفاً من الجنسِ الآخرِ...

- وآخرُ وسامِ بطولةٍ منحتُهُ لكبارِ القلوبِ ومحبِّي الخيرِ وفاعليهْ.
***