ارجوك يا قلبي

تمهّل أَيها الليل
"من وحي شجرة الدفلي لإملي نصر الله، بتصرف"

"ضربات القلب
تزداد عُنفاً وضراوة
يسري الصقيع في الأطراف
من هنا الطريق إلى الغد
الغد؟
ما لنا وللغد؟
فهو مجرد فجر آخر
لماذا خُلقت القيود؟

ولماذا لا نجرؤ على كسرها؟
تُقيّدنا تعاليم مستهلكة بالية
نُصارع أَفكارنا
فتصيبنا بالخوف
تمهّل يا ليل،
ولا تولّ الأدبار
قبل أَن أُزيح كابوس غربتي
وأَجد كوّة صغيرة
يطل منها النور
فتجفّ دموعي".
***
وأَعود !!!

أَعود من فردوس الأَرض
النابضة بالحيوية والجمال
إلى "ميكانيكية" حياة رتيبة،
وصداقات مُحنّطة؛
أَعودُ إلى العالم الهادر،
إلى دنيا الأَمر الواقع؛
أَعود لأعيش بحبوحة من العيش
لا تسعدني
ونموذج مجتمع لا آلفه
ولا يألفني.
أَعود ...
لأعيشَ بدون خَيمةِ أَمل،
أَو "عرزال" حلم
أَو دبيب طِفلٍ
ما بين الجدران.
أَفتقدُ الأسرة ...
أَفتقدُ الربوعَ ...
أَفتقدُ دفءَ الإنتماء،
فلماذا أَعود ؟
***
نُشرت في كتاب " قبل الغروب"

بيروت ... مدينة مفتوحة
"يوم الاربعاء في أول آب 1984 أُعلنت بيروت مدينة مفتوحة ... أُزيلت الحواجز ... فُتحت المعابر ... عادت بشائر الحياة للمدينة ..
وبانتظار أن يعود السلام والتعايش إلى قلب بيروت
والمحبة والتسامح إلى قلب البيروتيين ..."

بيروت ...
يا مدينتي الحزينة
يا أَحلى مدينة

سرقوا الإبتسامة عن ثغركِ
والحرية من أَرضكِ

تركوكِ ...
تأنين من عمق جراحكِ
وبحثوا عن لهوهم
في مُدن بديلة
يتسكعون ...
أَغراباً منبوذين ...
وها أَنتِ ...
تستردِّين عافيتكِ
تعودين المدينة المفتوحة
في المحيط المقفول ...
تَسْتقبلين الحياة ...
تفردين جناحكِ
تضمِّدين جراحكِ

تستقبلين ...
مَنْ تستقبلين
مِنَ العائدين
النّادمين.
نشرت في جريدة النهار
ملبورن – استراليا 1984
**

الرحلات الوهمية

نراقب الضَّباب،
نرحلُ مع أَفكارِنا وذكرياتِنا
كم هي جميلة ذكرياتنا
وكم هو رائع
أَن تكون لنا ذكريات
عندما ننام،
تتحوَّلُ الوقائع إلى أَحلام ...
وعندما نستيقظ
نبحث لأحلامنا عن تفسير.
كلَّما إنبعَثَ في الأرضِ دِفْءٌ
يندحرُ الظلام،
يتجدَّدُ الصَّباح
ويسطعُ النور
فتتوالدُ من رحلاتنا الوهمية
ومضات أَمل
نحتضنها
حتى تعود...
***
نشرت في "قبل الغروب"

وبكيت

بكيتُ ...
لا لأنَّني
أُحبُّ أَن أَبكي،
بل لأنَّه من حقِّي
أَن أَبكي.
وبكيتُ ...
عندما رحلتُ عن وطني
إلى وطن الزوجية
وعشتُ في غربة ...

بكيتُ ...
عندما رحلت عن هذه الغربة
إلى غربة أَبعد.
بكيت ُ...
لأنَّني أَعيشُ في مجتمعٍ
لا يفهمني ولا أُحبُّ أَن أَفهمه،
بكيتُ ...
عندما زرتُ دور المسنِّين
وأُسر المعاقين،
ومخيَّمات اللاجئين،
ثمَّ بكيتُ أَكثر ما بكيت ...
عندما وُلِدَ النِّظام العالمي الجديد.
نشرت في "قبل الغروب"
**

حبيبتي بيروت

كنت أَظنكِ الحسناء المدللة ...
السهلة المنال
فوجدتكِ البطلة الثَّائرة ...
النَّادرة المثال...
كنتُ أَظنكِ الصغيرة المحدودة ...
بالبحار والجبال
فاتسع صدركِ
لأَخطر أَنواع النِّبال...
كنتُ أَظنكِ، يا حبيبتي
المتعبة المر هقة
من كل ما دار على أَرضكِ من قتال...

كنتُ أَظنكِ المعفّرة بالغبار،
بالبارود، وبالأوحال...
فوجدتكِ الجميلة الفائقة الجمال...
كنتُ أَظنكِ لن تنهضي بعد هذه المعارك،
فوجدتكِ تقفين كالعملاقة
في وجه الوحش الإسرائيلي.
وقفة صيدا وصور بالماضي في وجه جيوش الإسكندر الأَكبر،
لتضيفي إلى سجل المدن اللبنانية العريقة
إسماً بطولياً آخر.

هل هي يا حبيبتي
وقفة الخلود؟
أَم أَنها الصحوة التي تسبق الموت؟
أَم أَنكِ ستبقين كما عهدتكِ ؟
بيروت ...
التي لا تُقهر ...
ولا تموت ؟

***
نشرت في "جريدة النهار 1982

أَحسُّ ذوباناً في قلبي
التقيا،
قال الحبُّ كلمته،
التقيا على الزواج
أَثناء الزفاف،
والمأذون يردد مراسيمه المعتادة
همس العريس
في أُذن عروسه:
"عندما ظهرتِ في حياتي،
أَضاءَت إبتسامتكِ
مصابيحَ الأمل فيها،
فملأت السَّعادةُ قلبي".
همست العروس
في أُذن عريسها:
"قبل أَن تظهر في حياتي،
كنتُ أَعبدُ استقلاليتي،
وكنتُ
عنيدة في الحفاظ عليها.
والآن
أَحسُّ ذوباناً في قلبي،
يدفعني إلى الإستسلام".
همس العريس:
"ضُميني إلى فردوس حنانك ...
أَنتِ مليكتي وتحرسكِ أَجفاني".

فقال الكاهن:
"الآن أُعلنكما
زوجاً وزوجة،
هيّا قبِّل عروسكَ يا ولدي".
فرفرفت أَجنحة الحبِّ،
وحمل العريسُ عروسَه
وانطلقا معاً
إلى فردوس الأحلام.

***

نسي العنوان

كان ذاهباً إلى منـزله
أطلَّت من عطفة الزّقاق
فانخلع قلبه
ونسي العنوان.
**

شعر لبناني


دمعة العيد

سهر العالم يوم 24 كانون الأول "ديسمبر" سهرة عيد الميلاد المجيد، وسهر يوم 31 منه سهرة عيد رأس السنة الجديدة. وفي 7 كانون الثاني "يناير" أطلت أعياد الطوائف الشرقية والقبطية.
كذلك إحتفلت الطوائف الإسلامية بعيد الفطر السعيد وستحتفل قريباً بعيد الأضحى المبارك.
وكثرت الأعياد وتقاربت، وفرح الناس، ونسي كل آلامه وأحزانه. ولكنني لم أشاركهم هذه الفرحة لا إعتراضاً على المناسبات وضرورتها في حياتنا، وإنما تألما.ً ومن خلال دمعة العيد، ترجمت مشاعري إلى هذه الكلمات:

-1-
طلّيت من بابي
قبل ما عايد صحابي,
شفت أطفال جوعانين
وأيتام عريانين
وشيوخ موحودين
وبيوت مهدومين
وأمّات ثكلانين
وشعوب مقهورين.
-2-
مسحت دمعاتي
وحملت "كايكاتي"
ونزلت عايدهن
وبالعيد شاركهن
تالعيد يصبح عيد
ونعيّدو من جديد ...

-3-
العيد معنى كبير
مش أكل ومشاوير
العيد لمّة أهل
ومشاركي بالفعل
وذكر الوطن وحوالُه
ومساعده في حمل أثقاله.

-4-
تا تجفّ دمعتنا
وتعود فرحتنا
والعيد يرجع عيد
ونعيّدو من جديد.
نجاة فخري مرسي
ملبورن 2001
**

في فراش المستشفى

في فراش المستشفى, بعد تجربة صراع الحياة مع الموت سببتها نوبة قلبية ألمّت بي دون سابق إنذار، أشعرتني بأحكام الحياة، عندما تلقي بثقلها على كاهل الإنسان.
حاولت أن أبعد عن أفكاري صورة هذا الكون المُرابي الذي يأخذ ويأخذ، وعندما تكتمل رسالة كل إنسان في خدمة قانون البقاء، نجده يكيل له النوبات القلبية، وضعف الحواس السمعية والبصرية وصلابة العظام.
(ولعلها المكافأة التي ينتظرها من دنياه ويتوخّاها)
من حسنات هذه التجارب العضوية أن تنعكس على صحتنا النفسية، فتجردنا من الأفكار النرجسية، وتجعلنا أكثر واقعية.
كانت النفس تسعد بنبضات الحب في القلب. وكان القلب يُسعد النفس بنبضاته التي تُشعرها بالسعادة.
والآن بعد أن اختلّ توازن النّبضات، وتكفّل ضعف الذاكرة بأن ينسينا أجمل الذكريات، أصبح من الصعب علينا الجمع بين ثنائي النفس والقلب، وأن نعيد لكليهما مناغماتهما السابقة.
هذا جعلني أخاطب القلب قائلة:
**

أرجوكَ يا قلبي

-1-
دارت الأيام
وضاعت الأحلام
ولم أجد أمامي
سوى أوهامي.

أرجوك يا قلبي
لا تعترض دربي

أريد أن أركض
أريد أن أمشي
أريدُ أن أضحك
أريدُ أن أبكي

أرجوك يا قلبي
لا تعترض دربي
-3-
أرجوك يا ربّي
لا تمتحن حبي

خفف لي آلامي
بدد لي أوهامي
رجّع لي أحلامي
نوّرلي أيامي

أرجوك يا ربّي
أرجوك يا ربّي !!

ملبورن أستراليا في 8 أيار عام 1997
**