الخاتمة

أَشعار قديمة

سألوا وأجابت
سألوا:
ما بال قيسُكِ نازحٌ
والقلبُ منكِ مدلـهٌ

لا تأملي منهُ الرجوعْ
ومجندلٌ بين الضُّلوعْ
أجابت:
لا تعذلوني فالهوى
سيظلُّ يُشجيهِ التشوُّقُ

دينٌ وقلبي لا يطوعْ
والتَّلهُّفُ والنـزوعْ
سألوا:
لو كانَ قيسُكِ عالماً
لأمامَ أخمصِكِ ارتمى

ما السِّرُّ في هذا الشُّروعْ
عن لثمِها يأبى الرُّجوعْ

أجابت:
ما القلبُ إلاَّ كُربةٌ

لعيونه مهما يجوعْ (1)
والنَّفسُ إلاَّ عبدةٌ
وصليبُ روحي حُبِّهِ

أبديَّةٌ تهوى الرُّكوعْ
وصدودِهِ وأَنا يسوعْ
***

نُشرت في مجلة "الأحد – لبنان" 1945

1- يجوع القلب

قم واسأَل الأفكار

في الليل والنهارتضيءُ محرابي

جحافل الأَفكارتدقُّ أَبوابي

وتنثرُ الأَزهار

ما الجدُّ والأَوهامما العمرُ والأَيام

ما الـخوف والآلام؟ما الـحبُّ والأَحلام؟

ما الليلُ والنهار؟
أُجيبُ لولاهملأنَّ دنياهم
يا سائـلي في الحـبقـم واسأَل الأَفـكار

ما كانت الغربةكانت دنى صعبة
حبّي قضى نخبة قد تفهم الأَسرار

***

حبيبي


حبيـبـي والأَمـاني ضائعاتٌ

بحُبِّكَ غير أنِّي في هواكا
أَظلُّ أهيمُ في بيداءِ حبِّي

ولا أَرضى حبيباً لي سواكا
فلا الأَفكارَ إن كدَّتْ وجدّتْ

تجدْ قـولاً تنـالُ بـهِ رضـاكا
ولا عينَ الخيالِ ترى خيالاً

لطيفِكَ إن تملَّكَها رُؤاكا
ولا متَّعتَ أذني أَو سماعي

بصوتِكَ مرَّةً إمَّا نداكا
ولا أَسعدتَ بالإحساسِ كفِّي

ولا مَكَّنتَهُ يلمسْ رداكا
***
أَلاَ فارفِقْ بمأسورٍ عنيدٍ

يَلَـذ لهُ الحصارُ وإن تباكا
ويرضى الموتَ والإعدامَ شرطاً

بأَن تُولي عيونَكَ أَمرَ ذاكا
فيقضي من لِحاظِكَ في هناءٍ

شهيدَ الوجدِ منتظراً لقاكا

فإن قاضيتَهُ هجراً وصدّاً
فلن يشكو ولن يَبْرم قضاكا
وإن قاضيتَهُ حدباً وعطفاً

وإحساناً بقُربِكَ لا نآ كا
ففي الحالينِ عبدٌ مستكينٌ

فما داعاكَ يوماً أَو شكاكا
***
الزرارية 1951
أنتَ

أنتَ سِرٌّ لحياتي
أنتَ رمزٌ لاكتئابي
أنتَ كنهٌ لكياني
أنتَ روحٌ لشبابي
أنتَ صهبائي وخـمري
أنتَ راحي وشرابي.

***
الزرارية 1946

اَسفي

أَسفي على حبٍ تحلَّى بالوفاءِ مِنَ الصِّغَرْ
أَسفٌ يُخالطُهُ التَّأَوُهُ من فؤادٍ مُحتضَرْ
أَسَفُ الطّفولةِ والشَّبيبَةِ
والكهولَةِ والكِبَرْ.
***
الزرارية 1947

طريدة النفس

أَيُّها التَّواقُ للعيشِ السَّعيدْ

أُنظُرْ الآمالَ تزهو من بعيدْ
واقْتفِ إثرَ الأماني ساعةً

ترى أَنَّ العيشَ يحلو من جديدْ
وأحسِنِ الظَّنَّ برؤياكَ فما

يُسعدُ النَّفسَ سوى الظَّنُّ الحميدْ
واحمل الدُّنيا على عِلاَّتها

تُكسِبُ السَّعْدَ اضطراداً ومزيدْ
***

بينَ ليلٍ وصباح

في هدأةِ الليل العليلْيأتي خيالُكَ حامِلاً

وبَسْمَةِ الصُّبحِ الجميلْآياتِ جيلٍ بعدَ جيلْ
***
في هدأةِ الليلِ العميقْيأتي خيالُكَ حامِلاً

وبَسْمَةِ الصُّبحِ الرَّقيقْكأسَ الملَذَّةِ والرَّحيقْ
***
في هدأةِ الليلِ الودودْيأتي خيالُكَ حامِلاً

وبسمَةِ الصُّبحِ الجَحودْنفحاتِ ذكرى لو تعودْ
***
الزرارية 1948

من دوافع التقدير


أُقَدِّرُ يَسوعاً لوداعَتِهِ
أُقَدِّرُ مُحمَّداً لشَجاعَتِهِ
أُقَدِّرُ علِيَّاً لبلاغَتِهِ
وأُقَدِّرُ غاندي لندارَتِهِ
**

ألإنسان يتساءل

مَنْ أَنا؟
هل أَنا
شبحٌ مُخيفٌ في رُبا الدُّنيا النَّضيرة ْ؟
أَمْ أَنا
زهرُ الأماني الغالياتِ المُستنيرةْ ؟
أَمْ أَنا
حِسٌّ نبيلٌ عايشَ النَّفسَ الكبيرة ؟
أَمْ أَنا
شيءٌ حقيرٌ جَرَّ أشياءَ حقيرةْ ؟
***
أَنا مسلوبٌ مِنَ اللَّذَّاتِ ألوانٍ كثيرهْ
أَنا مغلولٌ إلى العُنُقِ بأغلالٍ كبيرهْ
أَنا محجوبٌ عَنِ النُّورِ لئلاَّ أَستشيرهْ
أَنا مفقودٌ مِنَ الكونِ لأيامٍ قصيرهْ
أَنا سِرٌّ في ضميرِ الكونِ مفقودُ السَّريرهْ

***
نشرت في مجلة "العرفان – صيدا 1951


أُختاه

"مهداة إلى أُختي عصام بمناسبة زواجها وسفرها 1951"

أُختاهُ ! ما هذا الذي بدَّدَ لقيانا ؟
وغدا بنا مستعجلاً ليُسيمَ دنيانا
أَلَمُ الفراقِ ومرِّهِ بعد الذي كانا !
***
لا تحزني لفراقِنا، ذكراكِ سلوانا
وأَنا أُقَدِّمُ بعدها يا أُختُ ألوانا
من حبِّنا من عطفِنا من طيبِ نجوانا
***

هذا اللقاءُ قد انقضى والبعدُ قد آنا
أَعِصامُ ماذا فادنا من حبِّ دنيانا ؟
أَعِصامُ ما معنى البُكا والدَّمعُ أحزانا
أَعِصامُ صوني عهدَنا، فالعهدُ مُنصانا

***

أيتها الإنسانيَّة الضَّائعة

أَينَ أَنتِ يا مُنايا ... أَينَ أَنتِ؟
سفكوا اليومَ دِمانا ... لو عَلِمْتِ
ملأَ الرَّعبُ دُنانا ... وسَكَـتِّي
حَجَبَ الغيمُ سمانا واحتجَبْتِ
آنَ أَنْ تأتي الأوانا
آنَ، فأتِ !

نشرت في مجلة "العرفان" صيدا – لبنان 1952

مَريمْ
"مهداة إلى صديقتي بمناسبة قرانها"

مَرْيَمُ!
يا زهرةَ ودِّي في الرُّبى!
يا عروسَ الطُّهرِ
من أحلى أملْ!
أَجلٌ أَنتِ فتاةٌ يُقتفى
إثرُها الطِّيبِ
في دنيا المُثلْ
أَجلٌ، أَنتِ مثالاً طيباً
لفتاةِ الجيلِ،
إنْ ترضى، أجلْ
هنِّئي الأبَّ الذي كانت لهُ
إبنةٌ فيها مزاياكِ الجُللْ
آنَ أَنْ تجني مِنَ الرَّوضِ المُنى
وتعيشي
مع "رياضِكِ" كالحملْ
فانعمي
يا أُختْ في هذا الهنا
واقبلي
مع ذي المُنى منِّي القُبَلْ!

***
صيدا 1952

رياض: اسم الزوج
وتفني فيه

أُحبُّكَ يا حبيبُ وإنْ جفاني

فؤادُكَ أو قسَوتَ على زماني
وإنْ جاراكَ قلبُكَ بعد هذا

تعودُ لحيثُ جِئتَ ولا تَراني
وتُفقِدُني وإنْ قَلَّتْ آمالي

وإنْ ذَهبَتْ لتَرعاكَ الأَماني
تحِفُّ برَكْبِكَ الميمونِ ترعى

خيالَكَ لا تَظِّلُّ عَنِ المكانِ
لتحرسَ قَبسَها وتذودَ عنهُ

وتفني فيهِ إنْ لزِمَ التَّفاني
***
الزرارية 1949
وممتثل لتيار الأحاجي

حياةٌ لا يَقُرُّ لها قرارٌ

كأَنَّ لها على الإنسانِ تارا
فهذي نُطفَةٌ أَضحتْ جنيناً

وهذا كائنٌ أَمْسى مزارا
وهذا مُقدَّمٌ آتٍ سريعاً

وهذا نازحٌ هجرَ الديارا
وهذا ناجحٌ بلغَ الأَماني

وهذا يائسٌ ذهبَ انتحارا
وممتثلٌ لتيّارِ الأَحاجي

ومعتَصمٌ مِنَ الآفاتِ دارا

***
الزرارية – لبنان 1955


أَنا نجاتكَ

ما بينَ أَحضان الصَّبابةِ والغَزَلْ
أَسْكرتَ روحي من عناقِكَ والقُبلْ
لا تَزلْ نفسي تُقاوِمُ نفسها
والقلبُ مشتاقٌ لقربِكَ ما يزلْ
فأنا "نجاتُكَ" يا حبيبُ وحبُّنا (1)
باقٍ إلى يومِ القيامةِ والأزَلْ
***
ألإسكندرية 1963
_________
(1) - الزوج

قل للحبيب

قُلْ للحبيبِ أُحبُّهُ
مهما أَضَلَّ بيَ الطريقْ
قلْ للحبيبِ أَصوُنُـهُ
في القلبِ حتَّى يستَفيقْ
وأُحبُّهُ وأُحبُّهُ
حُبَّ الفراشَةِ للحريقْ
***
القاهرة 1945

بعد الخصام

جاءت معاهدة السلام وأَوسمت
عهد المحبة بالوئامِ النادي

لكنما الأيام بدَّلت الرِّضا
بعد المودَّة بالفتور البادي

لا تيأَسي يا نفس من قربِ اللقا
فاللهُ ينهي عن قريبِ بُعادي

وترى بأَنِّي ما أَزالُ ودودةً
وأُحبُّ حبِّي رغم كلِّ عنادي

لكنَّني أَرجو مُبادلتي ففي
هذي المحبَّة فرحة لفؤادي
الزرارية 1953
**

يا ليت قلبي

أَيقتلني البعادُ وأَصبرُ ؟
والحبُّ ما بين الحشا يتستَّرُ

وأَبيتُ أَخفي في الفؤادِ مشاعري
وهواكَ ساكنُ مهجتي لا يظهرُ

أَنتَ الحبيبُ المستميل نواظري
وبكَ الهناءُ وكلُّ ما أَتصوَّرُ
***

الخاتمة

إنْ تَذكُروا إسمي فَذا

قَلَمٌ وقرطاسٌ ودمْ
قولوا تَملَّكَها الرِّضا

لما تَنازَعها العدمْ