من أنا؟

أُمَّهاتٍ بلا أُمومة

قالوا:
أَنتِ شجَرةٌ بلا ثمَرْ ،
وأُمسيةٌ بلا قمَرْ ،
نحن نولدُ الأجنّةَ ،
ونعمِّرُ الكونَ ،
حياتُنا لأولادِنا ،
وأَولادُنا لبلادِنا ...
***

أَجابتْ:
أَنا الشَّجرَةُ الوارفةُ ،
رسالتي:
أَن أُوزِّعَ الظِّـلَّ والجمالْ ،
حياتي: كلُّها عطاءْ .
عرِفتُ طعمَ الحرمانِ.
أَنتُم أَتخمتُم الكونَ بالسُّكَّانِ ،
سبَّبتم المجاعاتِ ...
وأَزماتِ المساكنِ والمقابرْ ...
تعيشونَ لأنفسِكُمْ ...
ولسعادتكُمْ الذَّاتيَّةْ .
أَمَّا أَنا :
فما وهبتُ الحياةَ لمَنْ لا يطلُبُها ،
ولا شاركتُ
في إتخامِ الكونِ ،
أَو أَزمةِ الإسكان،ِ
أَو إشعالِ ألحروبِ،
أَبحثُ عن أولئِكَ الذين
ولدوا في الأماكنِ الخطأ،
ثمرةً لنزوةٍ عابرةْ
وفي الجحورِ ، أَو بين القبورْ ...
***
بإمكاني أَن أُوزِّعَ الحُبَّ
على فاقديهْ ...
أَنْ أُصبِحَ أُماً للأَيتامِ
والمحرومينْ ...
أَنتُمْ بانشغالِكُمْ بثمراتِكُمْ
انصرفتُم عَنِ الآخرينْ ...
سأَحتضِنُ الذين تَيَتَّموا
بفقدِ أَهاليهم
في غارةٍ بربريةْ
أَو مذبحةٍ بشريَّةْ ...
***
كُفُّوا باللهِ عن تأنيبـي
لذنبٍ ما اقترفتُهْ ...
أَو حرمانٍ ما أَردتُهْ ...
وتأكَّدوا :
أَنَّ لكلٍّ منَّا رسالةْ :
رسالتُكم أَولادُكم ،
ورسالتي
أَن أَكون أُمّاً ...
لمن ليس له أُمْ ...!
***

Mothers Without Motherhood

You are a fruitless tree,
A moonless night.

We give birth to offsprings,
populate the world.
Our life is our children,
and our children are for our countries.

My mission is to spread shade and beauty;
My life is giving. I have tasted deprivation.
You overpopulate the world,
You caused famines , or accomodation
crisis, or caused wars and starvations.

I search for those; born in the wrong places,
or those born as a result of a temporary sally,

in the dark, in the burrows,
or between the tombs in a cemetry.

I can distribute love to those deprived of it;
I can be a mother to the orphans and the deprived.
Looking after your children,
made you forget the others,
while I look after the orphans;
as a result of a raid,
or human massacre.

Please stop blaming me for a crime
I did not commit,
or deprivation I did not want.
Be sure that; every one of us has a mission;
your mission is your children,
My mission is to be
“Mother For A Motherless Children.”

ترجمة الشاعرة الأسترالية آن فيربارن

**

الدرويش
سأَل الشاب:
- ما أسمك أيها العم ؟
فأجاب الرجل المسن
الجالس في الطريق:
- إسمي الدرويش ...
- ومن أين أتيت ؟
فأجاب الرجل المسن:
من خلال لحيته الطويلة
وعيونه مرفوعة إلى السماء،
وأصابعه تعبث بسبحة طويلة:

- أنا من البلاد:
التي تسمي الكسول الذي اختار أن يتسول:
درويشاً
- وتسمي الجبان الذي يخاف أن يدافع عن حقه:
مثاليا
- والفاشل الذي عجز عن صنع مستقبله:
قنوعاً
- والقوي الذي يستعبد الآخرين:
زعيماً
- ومن أتقن صناعة الكلام:
شاعراً
- وتسمي كل حكيم أو مصلح:
نبياً
فابتسم الشاب وقال:
- أعتقد أنك من الشرق ...!

نشرت في "مجلة الرسالة" استراليا 1976

**
سمعتها تغني
- "أنا لستُ جميلةْ
ولا أنا فيلمْ ستار"ْ:
ولكنني لستُ سلعةً للبيعِ أو الإيجارْ.
- لا، لن أَبيتَ بعد اليومِ
تائهة في ظلمةِ الكونِ
كالقشّةِ في النهرِ يجرفُها التيّارْ.
لا، لن أتركََ بعد اليوم
حقي في يدِ الجلاّد،ِ
"بنصفِ عقلٍ" و"نصفِ إرثٍ" و "نصفِ أجرٍ"
أو خادمة للكبار أو الصغارْ...
سأستردُّ كلَّ ما سُلبَ مني وأُصحّحُ كلَّ ما قيلَ عني
ولن أكونَ "جين دارك" ثانية
لكي يحرقوني بالنارْ.

لماذا كان ولماذا أَصبح ؟
لماذا ؟ كانَ الثَّلجُ أَنصعَ بياضاً
العشبُ أَكثرَ إخضراراً
الشَّمسُ أَكثرَ إشراقاً
والقمرُ أَكثرَ جمالاً...؟
لماذا ؟ كانَ الصَّديقُ أَكثرَ صدقاً
الفكرُ أَكثرَ صفاءً
النَّفسُ أَشدَّ نقاءً
والإنسانُ أَكثرَ إنسانيَّة ...؟
لماذا ؟ أَصبحَ الحاضرُ مملاًّ
المستقبلُ مخيفاً
الكونُ ملوَّثاً
والدُّولارُ إلهاً ...؟
ولماذا؟ أَصبحَ الغناءُ زعيقاً
والموسيقى ضوضاءً
والفنُّ خلاعةً
والعبادةُ تجارةً
والحبُّ دعارةً ...؟
لماذا ؟؟ ثمَّ أَلفُ لماذا ؟!
***
مرآة الزمن

إنها ليست مرآتي
فمرآتي تعوَّدتْ أَن تريني صور الحيويَّةِ
ونضارةِ الشَّبابْ...
أَصبحتُ أَرى فيها خطوطاً وتجاعيد
صُوَرُها أَحكامٌ ظالمةْ ...
ستبقى تُعذِّبـني
"لأنها ليست مرآتي.
إنها مرآةُ الزَّمنْ" ...!

***

أَجملُ الرسائل

في السَّاعاتِ المتأخرةِ من الليلِ
في مكتبي الصغيرِ
المطلِّ على الحديقةِ
شعرتُ بسحرٍ غريبْ
***
تمايَلتْ في مُخيَّلتي
صورٌ ومشاهدْ
رافقتها أَحاسيسٌ
قفزَ القلمُ إلى يدي
فكتَبْتُ أَجملَ الرَّسائلْ ...
***

كلُّنا غرباء

الحرُّ بينَ العبيدِ
والعبدُ بين الأحرارِ
المتعلِّمُ بين الجهلاءِ
الجاهلُ وسطَ العُلماءِ
الأَديبُ بين السُّفهاءِ
والسَّفيهُ بين الأُدباءِ:
غُرباءْ ...!

الأُختُ في منـزلِ أَخيها
البنتُ في دارِ أَبيها
الأُمُّ في بيتِ إبنها
الزوجةُ بعيداً عن أَحضانِ زوجِها:

كلَّهُنَّ غُرباءْ ...!
مَنْ يتكلَّمُ غيرَ لُغَّتِهِ
مَنْ ينفصلُ عن بيئتهِ
مَنْ يأكلُ خبزَ غيرهِ:

أَيضاً غُرباءْ ...!

مَنْ لا يسمعُ نبضاتِ قلبهِ
مَنْ لا ينسجمُ مع نفسهِ

مَنْ يتقيَّدُ بالمبدأِ الشَّاملِ
في المـجتمعاتِ المشرذمةِ

مَنْ يرفضُ الإلتزامَ
مع الملتزمينْ

مَنْ ينبذُ الطائفية
في الأنظمة الطائفيةِ:

أَتعسُ الغُرباءْ ...!
***

ماذا يَهُمُّ ؟
ماذا يَهُمُّ ؟
أَن تطلَّ الشَّمسُ
دافئةً وهَّاجةً،
ثمَّ تتوارى
وراءَ الغيومِ،
ما دامتْ ستشرِقُ
من جديدْ ؟

ماذا يهُمُّ ...
لو تحدَّثْتُ مع نفسي
ما دامتْ لا تطلبُ منِّي تفسيراً.
ماذا يهُمُّ،
لو إنتفضَ قلبي محتجَّاً
ثمَّ احتضنتَهُ بين ذراعيَّ،
أُهدئُ من روعهِ
ما دمتُ أَعرِفُ
ماذا يُريدْ ؟

***

مَنْ أَنا ؟

أَنا إبنةُ الجنوبِ المقهورِ
إبنةُ لبنانَ
الذي أَحرقهُ أبناؤُهُ
بنارِ الطائفيةِ
إبنةُ والدي
الذي أعطى العِلمَ،
ثمَّ الثروةَ لأبنائهِ الذكورِ

أنا إبنةُ والدتي
التي لم يتوفَّرْ لها الوقتُ
كي تضمُّني وتقبِّلُني
لأنني واحدة من إثني عشر
إبن وإبنة

***
أَنا مَنْ استطاعتْ أَن تعيشَ
بلا أهلٍ
ولا أوطانْ
في المنفى الإختياري
"الغربة"

أَنا مِنْ أفقدتَها كلُّ هذه الظروفِ
إيمانها بعدالةِ الكونْ..
أَنا مَنْ صَلَّتُ وصامتْ
في طفولتِها،
ثمَّ أضربتْ وأحجَمتْ
في شيخوخَتِها !
وأَنا مَنْ تعتبِرُ أنها
غير مديونةٍ للسماءِ برحمةْ
فليرحمني اللهُ
من أحكامِ هاجوجٍ وماجوجْ ...
***


لأنها ذاتي

تقْرأُ أَفكاري ...
تعرِفُ أَسراري ...
تفهَمُ أَطواري ...

أُناجيها تُناجيني،
أُحاكيها تُحاكيني،
أُعرِّيها تُعرِّيني ...

رفيقتي المُفضَّلةْ،
حبيبتي المُدلَّلةْ،
رئيستي المُبجَّلة،ْ
رفيقتي في غربتي،
صديقتي في كُربتي،
نديمتي في نشوتي ...

تقرأُ أَفكاري،
تعرفُ أَسراري،
تفهمُ أَطواري،

لأنَّها ذاتي ...

***